مقالات

إمرأة حملت رسالة التعليم بحب وإخلاص، وجعلت من رياض الأطفال مرحلة لا تُنسى، وذكرى تُضيء طريق كل طفل يبدأ أولى خطواته نحو المستقبل الأستاذة هبة سليمان جبريل… 15 عامًا من صناعة البدايات الذهبية.

في عالم تتسارع فيه وتيرة التغيير، وتزداد فيه الحاجة إلى جيل يتمتع بالثقة والقدرة على الإبداع، تبقى مرحلة رياض الأطفال هي حجر الأساس الذي تُبنى عليه شخصية المستقبل. ومن وسط هذا العالم المليء بالمسؤوليات التربوية، تبرز شخصية مُلهِمة نجحت في أن تترك بصمتها الخاصة عبر سنوات طويلة من العطاء… إنها الأستاذة هبة سليمان جبريل، مديرة حضانة «زهور الجنة» ومعلمة رياض أطفال بخبرة تمتد لـ 15 عامًا من العمل المتواصل في تربية وتعليم الأجيال.

وُلد الاستاذة هبة في محافظة الإسكندرية، المدينة الساحلية التي تُخرج دائمًا طاقات مختلفة في الفكر والإبداع. ورغم أن جذور عملها الحالية تمتد إلى محافظة البحيرة، مركز كوم حمادة، قرية شبرا أوسيم، فإن الإسكندرية تظل هي البداية، وهي المكان الذي صقلت فيه موهبتها الأولى في التعامل مع الأطفال وحُبها للعمل التربوي.

حصلت على ليسانس مكّنها من بناء قاعدة معرفية قوية، لكنها لم تكتفِ بذلك، فقد سَعَت على مدار السنوات إلى تطوير نفسها مهنيًا وتربويًا، وشاركت في العديد من التدريبات التي تُعنى بمهارات التعليم المبكر، واستراتيجيات التعامل مع الطفل، وطرق التعليم التفاعلي الحديثة. هذه الخلفية العلمية والعملية جعلتها واحدة من الأسماء الموثوقة في محيط عملها، سواء بين أولياء الأمور أو داخل المؤسسات التعليمية.

ومع انتقالها إلى البحيرة، وجدت نفسها أمام مسؤولية جديدة، وهي تأسيس بيئة تعليمية آمنة وفعّالة للأطفال في سن ما قبل المدرسة. ومن هنا بدأت رحلتها داخل حضانة «زهور الجنة»، والتي سرعان ما أصبحت نموذجًا يحتذى به، لما تميزت به من نظام تربوي قائم على الحب، الانضباط، والإبداع.

وبلقاء خاص معها صرحت قائلة إن “رياض الأطفال ليست مجرد مرحلة تعليمية، بل هي مرحلة تكوين”، وهي عبارة تختصر من خلالها فلسفتها التربوية، إذ تؤمن أن الطفل في هذه السنوات لا يحتاج إلى تكديس معلومات بقدر ما يحتاج إلى حضن دافئ، ومعلمة حكيمة، وبيئة تمكّنه من اكتشاف نفسه والعالم من حوله.

خلال 15 عامًا من العمل، أثبتت أنها ليست مجرد مديرة أو معلمة، بل هي ملهمة أطفال، تعرف كيف تُحرك بداخلهم الشغف، وكيف تخلق جوًا تعليميًا يجعل الطفل يحب الذهاب إلى الحضانة كل صباح. وقد اعتمدت في إدارتها على دمج الأنشطة الحركية والفنية والتعليمية، مع التركيز على تعليم القيم والسلوكيات الإيجابية بطريقة ممتعة، مما جعل «زهور الجنة» واحدة من الحاضنات ذات السمعة الطيبة في المنطقة.

كما اشتهرت بقدرتها على التواصل الفعّال مع أولياء الأمور، فهي ترى أن نجاح الطفل يبدأ من التناغم بين البيت والحضانة. لذلك تحرص على عقد لقاءات مستمرة، وتقديم نصائح تربوية تساعد الأسرة على فهم احتياجات الطفل، وتدعمه في مراحل نموه المختلفة.

ولا يخفى على أحد الدور الكبير الذي لعبته خلال السنوات الأخيرة، خصوصًا مع التغيرات التي طرأت على أساليب التعليم بعد جائحة كورونا. فقد استطاعت أن تطوّر طرقًا بديلة للتعليم، وتُدخل أساليب التعلم عن بُعد، وتوظّف التكنولوجيا بشكل يتناسب مع عمر الطفل، دون أن تفقد روح اللعب والتفاعل التي تميز مرحلة رياض الأطفال.

وبين الإسكندرية والبحيرة، وبين الحلم والعمل، استطاعت هبة سليمان جبريل أن تبني لنفسها مكانة مهنية تُحترم، وأن تترك أثرًا واضحًا في نفوس مئات الأطفال الذين مرّوا من خلال فصولها، ليكونوا اليوم أكثر ثقة ووعيًا واستعدادًا للحياة المدرسية.

وفي زمن تحتاج فيه المجتمعات إلى معلمين حقيقيين، يظل أمثال هبة سليمان جبريل نماذج جديرة بالتقدير؛ نساء حملن رسالة التعليم بحب وإخلاص، وجعلن من رياض الأطفال مرحلة لا تُنسى، وذكرى تُضيء طريق كل طفل يبدأ أولى خطواته نحو المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى