مقالات

المحامية” ألفت عباس” نصيرة من لا نصير له تتألق في سماء العدالة بـ 20 عامًا من التميز والنضال.

في جنوب مصر، حيث تمتزج الحضارة بالتاريخ وتتنفس الأرض عبق النيل، وُلدت واحدة من أبرز الشخصيات القانونية النسائية في العقدين الأخيرين: الأستاذة ألفت محمد عباس، المعروفة باسم الشهرة ألفت عباس، والتي أثبتت نفسها ليس فقط كمحامية متميزة، بل كرمز للعدل والإصرار والقوة في ساحة القضاء المصري.

تنحدر ألفت عباس من محافظة أسوان، تلك المدينة التي تمثل بوابة مصر إلى العمق الإفريقي، وتحمل روح النيل وقوة الجذور النوبية التي تشربت منها القيم الأصيلة والطموح اللا محدود. منذ نعومة أظافرها، كانت ألفت مولعة بالعدل والحق، مما دفعها لاختيار طريق القانون، والتحقت بكلية الحقوق، لتحصل على ليسانس الحقوق، وتبدأ رحلة مهنية استثنائية.

ورغم ما يواجهه المجال القانوني من تحديات، خاصة أمام النساء، شقت طريقها بكل شجاعة واقتدار، حتى أصبحت واحدة من المحامين المخضرمين في محكمة النقض والمحكمة الدستورية العليا، أرقى وأهم ساحات القضاء المصري. وقد اكتسبت خلال 20 عامًا من العمل المستمر خبرة واسعة، أهلتها للدفاع عن أعرق القضايا وأكثرها تعقيدًا، وكانت دومًا صوتًا للعدالة، وملجأً للمظلومين، ومنارةً للحق.

وتمكنت من أن تحجز لنفسها مكانًا مرموقًا في أوساط القانونيين، ليس فقط بسبب براعتها القانونية، بل أيضًا لحكمتها في إدارة القضايا، ودقتها في تقديم المرافعات، واستراتيجيتها القانونية التي كثيرًا ما كانت حاسمة في تحقيق العدالة. ورغم أن قاعات المحاكم كانت مسرحًا يوميًا لها، لم تكتفِ بالممارسة فقط، بل واصلت تطوير ذاتها، حيث تُعد حاليًا باحثة دكتوراه في القانون، في خطوة تؤكد إيمانها العميق بأن العلم لا يتوقف، وأن القانون بحر لا ينضب.

وتتمتع ألفت عباس بقدرة فريدة على الدمج بين النظرية القانونية الصارمة وبين الجانب الإنساني في عملها، فتراها لا تتعامل مع القضايا كمجرد ملفات، بل كحكايات إنسانية تسعى فيها للعدل، وهو ما أكسبها احترام القضاة وزملائها وجمهور المتقاضين على حد سواء.

تميزها القانوني لم يحصرها داخل جدران المحاكم، بل جعل منها صوتًا مسموعًا في القضايا العامة، لا سيما تلك المتعلقة بحقوق المرأة، وقضايا الأحوال الشخصية، والحريات الأساسية، حيث شاركت في العديد من الندوات والمؤتمرات القانونية، ممثلة عن صوت المرأة الصعيدية والمصرية عمومًا، وقدوة لجيل جديد من المحاميات الشابات.

وفي زمن تسعى فيه المجتمعات لتكريس قيم العدالة والتمكين الحقيقي للمرأة، تبرز ألفت عباس كنموذج واقعي للمرأة المصرية القوية، التي استطاعت أن تجمع بين الصلابة المهنية، والرقي الإنساني، والتفاني في العمل. وها هي اليوم تُعد واحدة من أيقونات المحاماة في صعيد مصر، وقدوة يُحتذى بها على مستوى الجمهورية.

ويؤمن كل من يعرفها أن ما حققته ما هو إلا محطة من مسيرة ممتدة، وأن القادم يحمل المزيد من الإنجازات القانونية والعلمية، خاصة مع اقتراب نيلها درجة الدكتوراه، التي ستفتح أمامها آفاقًا جديدة، سواء في ساحة القضاء أو في المجال الأكاديمي.

وفي الختام، لا يمكن الحديث عن العدالة في صعيد مصر دون أن يُذكر اسم ألفت عباس، تلك السيدة التي جعلت من القانون رسالة، ومن الدفاع عن الحق مهنة شريفة، ومن النضال المستمر أسلوب حياة. إنها قصة نجاح تستحق أن تُروى، وإلهام لكل من يسعى ليصنع فرقًا حقيقيًا في مجتمعنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى