مقالات
أخر الأخبار

ريم الورداني.. زهرة الإسكندرية التي أنارت دروب الوعي والعلم

سيدة التعليم التي أنارت دروب الوعي والمعرفة الأستاذة "ريم الورداني "زهرة الإسكندرية التي نثرت عبيرها في تاريخ الأجيال.

في مدينة الإسكندرية، حيث تتعانق أمواج البحر مع صفحات التاريخ، وُلدت زهرة من زهرات العلم والمعرفة، الأستاذة ريم الورداني، التي أصبحت رمزًا مشرقًا في سماء التربية والتعليم. منذ نعومة أظافرها، كانت ريم تحمل في قلبها عشقًا دفينًا للحكايات القديمة والخرائط البعيدة، ولطالما تساءلت وهي تقف على شاطئ البحر: كم من الحضارات مرّت من هنا؟ ومن هم أولئك الذين تركوا بصماتهم في الرمل والحجر؟

تخرّجت ريم الورداني من كلية الآداب، جامعة الإسكندرية، حاصلة على ليسانس الآداب تلك الكلية التي ارتبطت، بشغفها الأصيل لمعرفة الماضي وفهم الحاضر، وغرس الوعي بالهوية والانتماء في نفوس الأجيال. لم يكن اختيارها لمجال التدريس صدفة، بل كان قدرًا رسمته بإرادة ومعرفة، فقد آمنت دومًا أن “المعلم لا يعلّم فقط، بل يُنير”.

بدأت رحلتها التعليمية في مدارس الإسكندرية، المدينة التي أحبتها وأعطتها الكثير، فردّت الجميل بعطائها للعلم والتعليم. لم تكن مجرد “مدرسة”، بل كانت ملهمة لطلابها، وصاحبة منهج فريد في تقديم مادتي التاريخ والجغرافيا بأسلوب يدمج بين القصة والمعلومة، وبين الحنين للماضي والوعي بالواقع.

تميّزت الأستاذة ريم بأسلوبها الحيّ في شرح الأحداث التاريخية، فكانت تحوّل كل حصة إلى مسرح زمني، يعيش فيه الطالب تفاصيل العصور المختلفة، يسمع صهيل الخيول، ويشم رائحة الكتب القديمة، ويرى الممالك تنهض وتنهار أمام عينيه. أما الجغرافيا، فقد كانت معها رحلة ممتعة بين الجبال والأنهار، الخرائط والظواهر، حيث كانت تجعل طلابها يحبون الأرض، ويحترمون التنوع، ويدركون أسرار هذا الكوكب المدهش.

لم تتوقف مسيرتها عند حدود الفصل الدراسي، بل شاركت في العديد من الندوات التربوية، وورش تطوير التعليم، وأسهمت في إعداد وسائل تعليمية مبتكرة جعلت من مادتيها موادًا محببة حتى للطلاب الذين لا يميلون عادة إلى المواد النظرية.

وعلى الرغم من صرامتها في الالتزام بالمنهج والانضباط، كانت الأستاذة ريم قريبة من قلوب طلابها، تستمع إليهم، وتمنحهم الأمل، وتفتح لهم أبواب المعرفة بأسلوبها الإنساني الرائع. ولأنها لم ترَ في التعليم وظيفة، بل رسالة، فقد حرصت دومًا على أن تزرع في طلابها القيم إلى جانب العلم: الاحترام، الانتماء، التفكير النقدي، وحب الوطن.

ومن أجمل ما يُروى عنها، أنها كانت تبدأ أول حصة في العام الدراسي بعبارة تقول فيها:
“أنا لا أدرّس تاريخًا وجغرافيا فقط، بل أدرّس وعيًا وأبني إنسانًا.”
هذه العبارة أصبحت شعارًا يردده طلابها، وبعضهم اليوم أصبح معلمًا، وسار على دربها.

الأستاذة ريم الورداني ليست مجرد معلمة من الإسكندرية، بل هي قصة نجاح، نموذج للمرأة المصرية الواعية، المثقفة، والمخلصة. علّمت أجيالًا أن المعرفة لا تقتصر على الحفظ، بل تبدأ بالسؤال، وأن حب الوطن لا يُكتسب بالشعارات، بل بفهم جذوره وتقدير خيراته.

ولأن المعلّمين العظماء لا يُنسون، ستظل ريم الورداني اسمًا محفورًا في قلوب طلابها، وصفحات مدارسها، وسطور التعليم في مصر. هي، بلا شك، أحد وجوه النور التي أنارت طريق العلم في زمن كثرت فيه الظلال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى