مقالات
أخر الأخبار

سعد بن شفلوت.. شاعر يكتب تاريخ الجنوب بالكلمة المغناة

سعد عبدالله بن شفلوت.. شاعر الجنوبيّة ومبدع القصيدة الشعبية

 

يظل الشعر الشعبي في المملكة العربية السعودية جزءًا من روح المجتمع وذاكرته، حيث يُعبّر عن الناس وقضاياهم ومشاعرهم، ويُحافظ في الوقت ذاته على أصالة الموروث وتقاليده. وفي هذا السياق برز اسم الشاعر سعد عبدالله بن شفلوت، المولود عام 1989م في محافظة سراة عبيدة بالمنطقة الجنوبية، ليكون واحدًا من الشعراء الذين حملوا صوت الجنوب إلى الساحة، بل وأوصلوه إلى العالم.

 

البدايات في بيئة خصبة

 

نشأ بن شفلوت في منطقةٍ تتميّز بثراء موروثها الشفهي، حيث الحكايات تُروى، والأهازيج تُردد، والشعر حاضر في المناسبات. هذه البيئة أسهمت في تنمية موهبته، فصار الشعر بالنسبة له لغة طبيعية للتعبير عن الوجدان. وقد ظهرت بواكير موهبته في مرحلة مبكرة، حيث بدأ يكتب قصائد تعكس إحساسه الصادق بالبيئة التي يعيشها.

 

الأسلوب الشعري

 

يمتاز شعر سعد بن شفلوت بالجمع بين البساطة والعمق؛ فهو يستخدم لغة قريبة من الناس، لكنها في الوقت نفسه تحمل صورًا ومعاني تجعلها عالقة في الذهن. في قصائده، نجد ارتباطًا واضحًا بالجنوب: بطبيعته، ومناخه، وعاداته. كما تتسم نصوصه بصدق العاطفة، مما يجعل المتلقي يتفاعل معها دون تكلّف.

 

إلى جانب ذلك، فإن حضور الإيقاع الموسيقي في شعره يمنحه جاذبية خاصة، وهو ما جعله أحد أبرز الأسماء في مجال الشيلات، حيث تتناغم قصائده مع اللحن وتصل إلى جمهور واسع.

 

من المهرجانات إلى العالمية

 

لم يكن حضور سعد بن شفلوت مقتصرًا على الكتابة فقط، بل كان حاضرًا بقوة في المهرجانات الرسمية داخل المملكة، مشاركًا بقصائده التي لاقت إعجاب الجمهور. هذا الحضور رسّخ مكانته كشاعر قادر على تمثيل الهوية الشعبية في المناسبات الوطنية.

 

غير أن المحطة الأبرز في مسيرته تظل قصيدته الشهيرة “شاقني جو الجنوب”، التي خرجت من إطار المحلية لتصل إلى المسرح العالمي. فقد اختارتها وزارة الثقافة السعودية لتُقدَّم ضمن عمل أوركسترالي موسيقي في اليابان، في تجربة نادرة من نوعها، جمعت الشعر الشعبي السعودي بالموسيقى العالمية.

 

هذا الحدث لم يكن مجرد مشاركة، بل شهادة على قدرة الشعر الشعبي على تجاوز الحواجز اللغوية والثقافية، وإيصال روح الجنوب السعودي إلى مسارح بعيدة، حيث يلتقي الفن بالفن بعيدًا عن الحدود.

 

شاعر الهوية والوجدان

 

يُعتبر سعد بن شفلوت من الشعراء الذين حافظوا على هوية منطقتهم، فجعلوا من القصيدة وعاءً يحفظ الموروث وينقله للأجيال. وفي الوقت ذاته، نجح في أن يقدّم نصوصًا معاصرة تتناسب مع روح العصر، ما يجعله نموذجًا للشاعر الذي يمزج بين الماضي والحاضر.

 

إن أعماله لا تقتصر على البوح الذاتي، بل تتسع لتشمل الانتماء للأرض والوطن، والتعبير عن الاعتزاز بالهوية السعودية. وهذا ما جعل قصائده حاضرة في وجدان جمهوره، ومرتبطة بمشاعرهم وانتماءاتهم.

 

الخاتمة

 

رحلة سعد عبدالله بن شفلوت هي رحلة شاعرٍ حمل الجنوب في قلبه، وجعل من قصائده مرآةً تعكس جمال المكان والإنسان. من مهرجانات المملكة إلى مسارح اليابان، أثبت أن الشعر الشعبي السعودي قادر على أن يكون لغة عالمية. ومع استمرار عطائه، يبقى بن شفلوت أحد أبرز الأصوات التي تعكس أصالة الشعر الشعبي السعودي وتؤكد مكانته في المشهد الثقافي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى