شاب صغير نجح بسرعه البرق ، استطاع أن يثبت أن العمر مجرد رقم وأن الاجتهاد والتركيز والمثابره سر النجاح

في قلب مدينة المحلة الكبرى، تلك المدينة التي عُرفت بتاريخها العريق وصناعتها التي لا تخطئها العين، برز إسم لامع في عالم التعليم، استطاع أن يترك بصمة قوية في عقول وقلوب طلاب الثانوية العامة. إنه مستر محمد حسين، المعروف بين طلابه وأبناء مدينته بلقب “إنجليزاوي”، المدرس الذي جعل من اللغة الإنجليزية رحلة ممتعة، لا مجرد مادة دراسية تقليدية.
منذ سنواته الأولى في مجال التدريس، أدرك “إنجليزاوي” أن الطلاب بحاجة إلى أسلوب مختلف، يخرج عن إطار الحفظ الجامد والطرق التقليدية التي اعتاد عليها الكثيرون. فاختار أن يكون معلماً وصديقاً في الوقت ذاته، يقترب من عقلية الطالب ويفكر بلغته، ليصل إلى قلبه أولاً ثم إلى عقله. كان شعاره الدائم: “التعليم مش حفظ وقواعد، التعليم متعة واكتشاف.”
ما يميزه عن غيره، أنه استطاع أن يحول مادة الإنجليزية إلى قصة حية، يستخدم فيها أمثلة من الحياة اليومية، ومواقف مضحكة، وأحياناً دراما صغيرة تمثل أمام الطلاب داخل الفصل. يروي لهم القواعد على شكل حكايات، ويشرح الكلمات الجديدة عبر مواقف واقعية، فلا يخرج الطالب من حصته إلا وهو يشعر أنه مارس اللغة بالفعل وليس مجرد استمع لشرح.
حتى طريقته في استخدام التكنولوجيا لاقت استحساناً واسعاً؛ فهو يوظف العروض التفاعلية والفيديوهات القصيرة، ويعتمد على منصات التعليم أونلاين لتقريب المحتوى. هذه الأدوات جعلت الطلاب يشعرون أنهم جزء من عالم أكبر، حيث الإنجليزية ليست مجرد منهج للامتحان، بل مفتاح لعالم مختلف من الثقافة والمعرفة.
لم يتوقف تأثير “إنجليزاوي” عند حدود المدرسة أو الحصة الخاصة، بل امتد ليشمل حياة الطلاب الشخصية. فقد ساعد الكثيرين على التخلص من رهبة التحدث بالإنجليزية، ورفع ثقتهم بأنفسهم في التواصل داخل وخارج الفصل. بعض طلابه يصفونه بأنه “مفتاح باب المستقبل”، لأنه علّمهم كيف يخططون لحياتهم الدراسية والعملية من خلال إتقان اللغة.
ورغم أن المحلة الكبرى ليست العاصمة، فإن اسم مستر محمد حسين تجاوز حدودها، إذ أصبح مقصداً لطلاب من مدن وقرى مجاورة. يأتي إليه طلاب من طنطا، زفتى، وسمنود، وحتى من بعض المحافظات الأخرى، بحثاً عن ذلك الأسلوب الفريد الذي يجمع بين العلم والمتعة.
من يعرف “إنجليزاوي” عن قرب يدرك أنه ليس مجرد مدرس ناجح، بل إنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى. يحرص دائماً على دعم طلابه نفسياً قبل أن يكون علمياً، فيستمع لمشكلاتهم، ويقدم لهم النصائح، ويشجعهم على مواجهة التحديات. في فترة الامتحانات مثلاً، لا يكتفي بمراجعة المنهج، بل يوجه رسائل طمأنة، ويذكّرهم أن الثقة بالنفس نصف النجاح.
حين تسأله عن هدفه الحقيقي، يجيب ببساطة: “نفسي أغيّر صورة التعليم في مصر، وأثبت إن الإنجليزي مش مادة صعبة، لكن محتاج أسلوب يوصل للقلب قبل العقل.” يرى أن الطالب المصري لديه قدرات هائلة، لكن يحتاج فقط إلى من يفتح أمامه الأبواب بطريقة صحيحة.
ويطمح في المستقبل إلى إنشاء مركز تعليمي متكامل بالمحلة الكبرى، يكون بمثابة منصة للطلاب من مختلف المراحل، يقدم فيه تجربة تعليمية عصرية تجمع بين المناهج الأكاديمية والمهارات الحياتية.
قد لا يكون “إنجليزاوي” قد حصل على تكريم رسمي حتى الآن، لكن كل ابتسامة على وجه طالب، وكل رسالة شكر من ولي أمر، تعد بالنسبة له أرفع وسام. وهو يردد دائماً أن نجاحه يقاس بقدرة طلابه على تحقيق أحلامهم، وليس بعدد شهاداته أو ألقابه.
في النهاية، يظل مستر محمد حسين “إنجليزاوي” نموذجاً مشرفاً لمعلم عصري، يجمع بين الإبداع في التدريس، الإنسانية في التعامل، والقدرة على الإلهام. قصة نجاحه تؤكد أن التعليم الحقيقي لا يُقاس بالمناهج وحدها، بل بما يزرعه المعلم في نفوس طلابه من حب للتعلم، وثقة في الذات، وطموح بلا حدود.