طبيبة بروح فنانة الدكتورة “سحر عبدالعال حامد “حين تتلاقى إنسانية الطب مع إبداع الحياة.

في قلب المشهد الطبي والاجتماعي والثقافي في مصر، تلمع شخصية استثنائية جمعت بين التخصص العميق والموهبة الفذة، بين العلم والروح، بين الحنان السريري والإبداع الفني. إنها الدكتورة سحر عبدالعال حامد، استشاري النساء والتوليد والعقم، واستشاري الإرشاد الأسري، واستشاري إدارة المستشفيات، ولايف كوتش، ومخرجة سينمائية، وهي قبل كل ذلك إنسانة نذرت نفسها للعلم وخدمة الناس.
رحلة الدكتورة سحر بدأت مبكرًا، حين وجدت نفسها في قلب قسم النساء والتوليد منذ كانت في إجازة السنة الثالثة بكلية الطب. لم تكن قد درست التخصص نظريًا بعد، لكنها التزمت بالنوبتچيات كأنها طبيبة معتمدة، وأدركت منذ تلك اللحظة أن هذا التخصص ليس مجرد فرع من الطب، بل هو رسالة سترافقها مدى الحياة. تقول: “وقعت في غرام هذا التخصص ولم يفارقني العمل به حتى يومنا هذا.”
منذ ذلك الحين، انطلقت في مسيرة حافلة بالعلم والممارسة، حرصت خلالها على حضور أكبر المؤتمرات الطبية العالمية في كل من ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، تركيا، ماليزيا، الإمارات، سلطنة عمان، والسعودية، بالإضافة إلى مشاركاتها الدائمة في مؤتمرات مصر، من أسوان والأقصر إلى القاهرة. هذا التفاعل العالمي لم يكن ترفًا، بل كان دافعًا للتطور المستمر والبقاء في صدارة المشهد الطبي.
لكن شغفها بالطب لم يمنعها من التوسع في عوالم أخرى، بل ربما كان هو بوابة العبور إلى فهم أعمق للإنسان. فقد تخصصت في الإرشاد الأسري والصحة النفسية، وعملت لأربع سنوات في الطب النفسي، مركزة على علاج مشكلات الأطفال والمراهقين والأسر. دراستها لعلم النفس السلوكي المعرفي وتعديل السلوك، بالإضافة إلى تأهيلها كـ”لايف كوتش”، أضافت بعدًا جديدًا لعملها، يجعلها قادرة على التعامل مع المرضى لا كحالات سريرية فقط، بل كأرواح تحتاج إلى من يحتويها ويهديها الطريق.
وفي أحد فصول رحلتها الثرية، عملت ضمن أقسام علاج الإدمان، مساهمة في إعادة تأهيل المدمنين للحياة من جديد، كما خاضت تجربة متميزة في جراحة المخ والأعصاب، وعملت لسنوات في التأمين الصحي المدرسي، مما أتاح لها فهمًا واسعًا لمكونات الصحة العامة والشخصية المصرية منذ الصغر.
ولأنها تؤمن أن الإنسان أكثر من وظيفة، وأكثر من شهادة، درست إدارة الأعمال وتخصصت في إدارة المستشفيات، وأصبحت استشاريًا في هذا المجال، مما مكنها من الربط بين جودة الرعاية الصحية وفنون الإدارة الحديثة.
أما على الصعيد الشخصي، فالدكتورة سحر نموذج متكامل للمرأة القوية متعددة المواهب، فهي حاصلة على الحزام الأسود في الكاراتيه، ومارست الكونغ فو بأسلوب النمر، وعزفت على العود والأورج، وغنت، وكتبت الخواطر والقصص والأشعار، ثم صقلتها بالدراسة الأكاديمية.
وكانت المفاجأة الأكبر حين التحقت بالمدرسة العربية للسينما والتليفزيون، لتصبح مخرجة سينمائية محترفة، متمكنة من كل جوانب الصناعة من الإخراج إلى الإعداد، ليضيف هذا البُعد الإبداعي طبقة جديدة في شخصيتها، تجعلها بحق واحدة من القلائل الذين جمعوا بين العلم والفن بهذا العمق والاحتراف.
محبتها لوطنها ومجتمعها جعلتها تقيم صالونًا ثقافيًا شهريًا، يجمع نخبة من المثقفين لتبادل الأفكار ومناقشة قضايا الحياة.
تقول الدكتورة سحر إن هدفها اليوم هو مشاركة كل تلك الخبرات مع متابعيها، سواء في الطب أو الحياة أو حتى السفر، وخصوصًا عبر تقديم الدعم والمشورة لكل من يشعر أنه في مأزق أو بحاجة إلى من يأخذ بيده.
في عالم باتت فيه التخصصات ضيقة والاهتمامات مجزأة، تأتي الدكتورة سحر عبدالعال حامد كصوت مختلف، يمزج بين التخصص والاتساع، وبين الدقة الطبية والإحساس الإنساني، وبين الحلم والعمل، لتكون نموذجًا يُحتذى وملهمةً لكل من أراد أن يصنع من حياته رحلة تستحق أن تُروى.