مقالات
أخر الأخبار

“فيثاغورث الصعيد”.. محمد صلاح عشري، معلم الرياضيات الذي حوّل المعادلات إلى قصة نجاح في قلب سوهاج.

في قلب صعيد مصر، وتحديدًا بمحافظة سوهاج، يسطع نجم من نوع خاص، نجم لا يظهر في السماء بل في عقول طلابه، وبين صفحات دفاترهم، وفي أروقة المدارس التي يدرّس بها. إنه الأستاذ محمد صلاح عشري، معلم الرياضيات المعروف بلقب “فيثاغورث الصعيد”، وهو اللقب الذي لم يمنحه لنفسه، بل أطلقه عليه طلابه وزملاؤه إعجابًا بمهارته الفائقة في تدريس مادة الرياضيات بطريقة تجمع بين البساطة والعبقرية.

حصل الأستاذ محمد على بكالوريوس علوم وتربية، شعبة رياضيات، بتقدير جيد جدًا، ليبدأ بعدها مسيرته التعليمية الطويلة بكل شغف وتفانٍ. لم يكن مجرد معلم يشرح القوانين والنظريات، بل كان صانعًا للفرق، وملهمًا لجيل كامل من الطلاب الذين تعلقوا بالرياضيات بعد أن ظنوها “مادة صعبة”، فإذا به يحولها إلى لعبة ذهنية ممتعة، تسكن القلوب قبل العقول.

يعمل حاليًا كـمعلم أول رياضيات في مدرستين ثانويتين بارزتين بمحافظة سوهاج، هما: مدرسة روافع القصير الثانوية المشتركة ومدرسة الشهيد طيار الثانوية بنين. وفي كلتا المدرستين، يعرفه الجميع بحضوره الهادئ، وشغفه الذي لا يخبو، وقدرته الفريدة على شرح أعقد المفاهيم بأسلوب بسيط وسلس.

“فيثاغورث السنتر”.. قصة اللقب الذي أصبح علامة

في عالم الدروس الخصوصية والسناتر التعليمية، قلّما يبرز معلم بلقب فريد، لكن محمد صلاح عشري استطاع أن يخلق لنفسه علامة مميزة؛ إذ يُعرف في الأوساط التعليمية داخل سوهاج وخارجها بلقب “فيثاغورث السنتر”، نظرًا لما يتمتع به من قدرة خارقة على الربط بين فروع الرياضيات المختلفة، واستخدام الطرق الذكية في توصيل المعلومة، مما جعله اسمًا يُتداول بين الطلاب وأولياء الأمور بكل احترام وثقة.

هذا اللقب لم يأتِ من فراغ، بل من سنوات طويلة من العطاء، والإبداع، والتجديد في طرق الشرح والتقويم، حيث اعتمد على تقنيات حديثة، منها الفيديوهات التعليمية، والتمارين التفاعلية، والمسابقات العلمية، مما جعل طلابه يشعرون أن الرياضيات ليست مادة جافة، بل مغامرة ممتعة.

ورغم أنه يعمل من قلب محافظة سوهاج، إلا أن صدى جهوده التعليمية وصل إلى طلاب من محافظات مجاورة، بل وشارك في دعم طلاب الثانوية العامة عبر القوافل التعليمية والمراجعات النهائية المجانية، مؤمنًا أن “العلم رسالة قبل أن يكون مهنة”، وأن دوره الحقيقي كمعلم لا يتوقف عند باب المدرسة.

عرف عنه تواضعه الشديد، وحرصه على بناء علاقة إنسانية مع طلابه، فهم لا يرونه فقط معلمًا، بل أخًا كبيرًا وناصحًا أمينًا. دائمًا ما يشجعهم على الاجتهاد، ويغرس فيهم الثقة بأن التفوق ممكن، وأن لكل مشكلة – سواء رياضية أو حياتية – حل.

وبلقاء خاص معة صرح قائلا :

في مسابقة الـ30 ألف معلم، حصلتُ على المركز الثاني على مستوى المحافظة، وكنتُ الأول على مركز سوهاج، وهو إنجاز أفخر به ويعكس اجتهادي وتفانيي في مهنتي.

أنا متزوج، وأب لثلاثة أولاد، وأسرتي هي الدافع الأكبر لي للاستمرار في طريق النجاح والتطوير المهني، خلال دراستي في كلية التربية، كنت من الطلاب المتميزين، وحصلت في العام النهائي على تقدير امتياز، وكنت أول مدرس من دفعتي يتم تصعيده لتدريس المرحلة الثانوية، وهو ما شكّل نقطة انطلاق مبكرة لمسيرتي التعليمية.

في وقت يشكو فيه كثيرون من صعوبة المناهج، وتراجع دور المعلم، يظهر الأستاذ محمد صلاح عشري نموذجًا مشرفًا لمعلم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء العقول والقلوب معًا. لم تُثنهِ التحديات اليومية ولا الظروف عن أداء رسالته بأمانة وشرف، بل زادته إصرارًا على الاستمرار في طريق التميز.

وها هو اليوم، بعد سنوات من العطاء، يُعد من أبرز معلمي الرياضيات في سوهاج، واسمًا تتداوله صفحات التفوق، ويضعه الطلاب قدوة لهم في مسيرتهم العلمية.

وفي النهاية، يقول أحد طلابه في عبارة تلخص كل شيء:
“كان ممكن نكره الرياضة، لكن قابلنا أستاذ محمد صلاح.. فحبيناها وحبينا نفسنا معاها.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى