صوت إنساني يُنصت لمن لا يُسمع “دينا خطاب” رحلة امرأة أعادت تشكيل ذاتها لخدمة الإنسان

وسط ضجيج الحياة وزحام المدن، تبرز دومًا وجوه تحمل رسالة، تسعى بصدق لإحداث أثر حقيقي في العالم من حولها. ومن بين هذه الوجوه المضيئة تبرز “دينا خطاب”، ابنة الإسكندرية، التي مزجت بين الكلمة، والوعي، والشفاء، لتصنع لنفسها طريقًا فريدًا، يربط بين الإعلام، والرياضة، والكتابة، والعلاج النفسي، في توليفة إنسانية نادرة ومُلهمة.
حصلت دينا خطاب على ليسانس الآداب من جامعة الإسكندرية، قسم إعلام شعبة صحافة ونشر إلكتروني، وكانت انطلاقتها المهنية من بلاط صاحبة الجلالة، حيث عملت في الصحافة، تكتب وتبحث وتُحلل. لكنها لم تتوقف عند حدود الورق والكلمات، بل اتسعت رؤيتها، لتخوض مجال العلاقات العامة، ثم التسويق الإلكتروني، واضعة مهاراتها الإعلامية في خدمة الصورة والرسالة والتأثير.
ومع الوقت، بدأت اهتماماتها تأخذ طابعًا أكثر عمقًا وإنسانية، فتوجهت إلى مجال التغذية والرياضة، ليس بدافع الهواية فحسب، بل عبر دراسة متخصصة للمجال، ما أتاح لها أن تلمس الأثر العميق للعناية الجسدية على الصحة النفسية والسلوكية.
وبينما كانت تخوض رحلتها في تطوير الذات والاقتراب من الإنسان أكثر، بزغ شغف جديد في حياتها: الكتابة الروائية. فراحت تُعبّر عن أفكارها وقصصها من خلال الحروف، تحمل القارئ في عوالم من الخيال والمشاعر والوعي، لتصبح الكلمة لديها أداة للعلاج كما كانت أداة للتعبير.
لكن المحطة الأهم والأكثر إنسانية في رحلة دينا خطاب بدأت عندما أسست برنامجًا علاجيًا جماعيًا تحت اسم “الوعي في طريق الحب”، والذي انطلق من الإسكندرية ليكون مساحة آمنة لمن يبحثون عن الشفاء والدعم النفسي. لم يكن الأمر مجرد جلسات علاجية تقليدية، بل رحلة جماعية نحو التغيير والوعي، تحمل فيها دينا مشاعل النور لمن أثقلتهم الحياة بالجراح.
وانطلاقًا من هذه المبادرة، أسست جروب الدعم النفسي الشهير “من وسط الزحمة”، الذي تحوّل إلى بيت افتراضي يضم العشرات ممن وجدوا فيه متنفسًا ومرفأ للبوح والنجاة، بفضل نهج دينا القائم على الفهم، والاحتواء، والتغيير الواعي.
أما اليوم، فتعمل دينا خطاب كـأخصائية إرشاد نفسي وأسري، ومعالجة معرفية سلوكية، ومتخصصة في تعديل السلوك، وعلاج الإدمان والسلوكيات القهرية. وقد حصلت على دبلومة الإرشاد النفسي والأسري والعلاج المعرفي السلوكي وتعديل السلوك من جهات معتمدة، إلى جانب دورات تخصصية في الاضطرابات النفسية، ومشكلات المراهقين والأطفال من جامعة عين شمس، وكذلك دورات معتمدة في علاج الإدمان من وزارة التضامن الاجتماعي.
كما تؤمن أن التغيير الحقيقي يبدأ من الداخل، وأن كل إنسان قادر على إعادة بناء ذاته إذا وُجد من يستمع إليه ويمد له يد الدعم بصدق. وهي اليوم تجمع بين التخصص الأكاديمي، والخبرة العملية، والموهبة في التأثير الإنساني، لتكون صوتًا حقيقيًا للوعي في زمن يحتاج فيه الإنسان لمن يفهمه دون حُكم، ويُعيد إليه ثقته بنفسه وحياته.
في زمن تتداخل فيه الأدوار، وتضيع فيه البوصلة لدى كثيرين، تظل دينا خطاب نموذجًا مُلهمًا للمرأة القوية الواعية، التي لم تكتفِ بالنجاح المهني، بل اختارت أن تُعيد تشكيل ذاتها، ثم تُهدي هذا النضج والوعي لكل من حولها.