“أحمد شريف ” الجغرافي الذي أعاد للجغرافيا بريقها بأسلوبة الفريد في عقول طلاب الثانوية العامة.

في زمنٍ تتسارع فيه وتيرة التكنولوجيا، وتغيب فيه بعض المواد الدراسية عن دائرة الاهتمام، يطل علينا الأستاذ أحمد شريف، ابن القاهرة تخرج من كلية الآداب جامعة عين شمس، ليعيد لمادة الجغرافيا مكانتها الرفيعة بين العلوم، ويثبت أن الشغف الحقيقي لا يحتاج إلا إلى قلب مؤمن بالرسالة وعقل مبدع في التوصيل.
مدرس الدراسات الاجتماعية والجغرافيا للثانوية العامة، أحمد شريف، ليس مجرد معلم يؤدي واجبًا وظيفيًا، بل هو صاحب رؤية ورسالة تعليمية تؤمن بأن العلم يجب أن يُعاش لا أن يُحفظ، وأن الطالب شريك في العملية التعليمية، وليس مجرد متلقٍ سلبي للمعلومات.
ولد الأستاذ أحمد شريف في قلب القاهرة، تلك المدينة التي تختزل بين أزقتها وشوارعها كل تفاصيل الجغرافيا الحيّة، من التنوع السكاني إلى النمط العمراني إلى التغيرات المناخية التي يشعر بها أهل العاصمة يومًا بعد يوم. وقد كان لهذا النشوء في بيئة نابضة بالتفاصيل الجغرافية أثرٌ عميق في تكوين وعيه وشغفه بهذا العلم الإنساني الواسع.
منذ تخرجه في كلية الآداب، قسم الجغرافيا، بجامعة عين شمس، حمل على عاتقه مهمة تقديم المادة بطريقة تختلف عن السائد، حيث قرر أن يحول دروس الجغرافيا إلى قصص حية ومواقف تطبيقية، يربط فيها بين ما يتعلمه الطالب وما يراه في حياته اليومية، من خرائط الطريق الدائري إلى مناطق النمو الصناعي، ومن تأثيرات المناخ إلى العلاقات الدولية بين الدول.
بلقاء خاص معة في إحدى محاضراته:
“ليس الهدف أن يحفظ الطالب التضاريس، بل أن يشعر بها.. أن يتخيل الجبل ويرى النهر، ويعرف لماذا تبني الدول حضاراتها حول منابع المياه. الجغرافيا ليست مادة جامدة، بل قصة الإنسان على الأرض.”
تميّز أسلوبة بقدرته الفائقة على تبسيط المفاهيم الجغرافية المعقدة وتحويلها إلى محتوى جذاب وسهل الفهم. لم يكتفِ باستخدام الوسائل التقليدية، بل دمج بين الخرائط الرقمية، والأنشطة الصفية، والعروض التفاعلية، مما جعل طلابه يقبلون على المادة بحب وفضول، ويتحولون من خائفين من المصطلحات الجغرافية إلى باحثين عن مزيد من الفهم والتحليل.
وخلال سنوات تدريسه، استطاع أن يحقق نتائج لافتة في امتحانات الثانوية العامة، حيث ارتفعت نسب النجاح في مادتي الدراسات الاجتماعية والجغرافيا في المدارس التي درّس بها، بل وخرج من تحت يديه أوائل على مستوى الجمهورية في الجغرافيا، وهو ما جعل اسمه يتردد في أوساط أولياء الأمور والطلاب كأحد أبرز المدرسين في مجاله.
لم تكن رسالته محصورة داخل الفصول الدراسية، بل امتدت إلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح له حضور قوي، ينشر من خلاله مقاطع تعليمية قصيرة، وأسئلة تدريبية، وتلخيصات شاملة للمناهج، مما أتاح لعدد كبير من الطلاب في مختلف المحافظات الاستفادة من علمه وأسلوبه، حتى ولو لم يحضروا معه شخصيًا.
كما يؤمن بأن التعليم رسالة قبل أن يكون مهنة، وأن الجغرافيا قادرة على صناعة وعي مجتمعي بأهمية الأرض، الموارد، التغيرات البيئية، والعلاقات الدولية. لذلك فهو يطمح في المستقبل القريب إلى إصدار كتابه الخاص في تبسيط الجغرافيا لطلاب الثانوية، ليكون مرجعًا علميًا وعمليًا، يعكس تجربته الممتدة داخل الصفوف وخارجها.
في كل مرة يقف فيها أحمد شريف أمام السبورة، لا يُلقي درسًا فقط، بل يُوقظ في الطالب فضولًا نحو الأرض، نحو الوطن، نحو العالم. وفي زمن يعاني فيه التعليم من تحديات كثيرة، يبقى وجود معلمين مثله قبسًا من الأمل، ونموذجًا يُحتذى في الإخلاص، التطوير، والإيمان بقدسية العلم.