اليوم العالمي لمكافحة المخدرات “حين يغيب الأمل.. لماذا يهرب الشباب إلى المخدرات؟”

اليوم العالمي لمكافحة المخدرات
“حين يغيب الأمل.. لماذا يهرب الشباب إلى المخدرات؟”
✍️ بقلم: د. حمده حسن
دكتوراه في الفلسفة – تخصص الصحة النفسية والتربية الخاصة
في السادس والعشرين من يونيو من كل عام، يتوحد العالم في وقفة تأمل بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، مستذكرًا ضحايا الإدمان، ومُجدّدًا الدعوة إلى الوقاية والحماية من خطر يفتك بالمجتمعات من الداخل.
المخدرات لم تعد خطرًا صامتًا، بل وحشًا مفترسًا يتغذى على أحلام الشباب، ينتزعهم من مقاعد الطموح والنجاح، ليلقي بهم في متاهات التيه والضياع. ورغم كل الجهود المبذولة، لا يزال السؤال الملّح قائمًا:
لماذا يُقبل الشباب على تعاطي المخدرات؟
أولًا: الهروب من الواقع
الكثير من الشباب يعيشون صراعات نفسية حادة، ومشكلات أسرية أو اجتماعية لا يجدون لها حلًا. وفي ظل غياب الدعم الفعلي، يلجأ البعض إلى المخدرات كمهرب مؤقت من الألم، دون إدراك لعواقب هذا “الهروب السام”.
ثانيًا: الفراغ وضعف الهوية
حين يغيب الهدف وتضعف الهوية الشخصية والانتماء المجتمعي، يصبح الشباب فريسة سهلة لأي مؤثر خارجي. تقدم المخدرات “إحساسًا زائفًا” بالقوة أو الاسترخاء، لكنها في الحقيقة تدمر النفس والعقل، وتغتال المستقبل بصمت.
ثالثًا: تأثير رفاق السوء
في غياب الرقابة والتوجيه، قد تكون الصحبة السيئة بوابة الانزلاق، خاصة حين يُزيَّن التعاطي كرمز للحرية أو إثبات للذات. القبول الاجتماعي داخل مجموعات منحرفة، يدفع بالبعض إلى طريق الندم قبل أن يدركوا العواقب.
رابعًا: إعلام غير واعٍ وتقصير توعوي
تروج بعض الأعمال الفنية والإعلامية، أحيانًا، صورة خادعة عن المخدرات كوسيلة للمتعة أو التحرر، دون أن تكشف الجانب المظلم. وهنا تبرز الحاجة لإعلام مسؤول، يسلط الضوء على الواقع المرير للإدمان، ويُعزز ثقافة الوعي الوقائي.
خامسًا: غياب الدعم النفسي
الاكتئاب، القلق، الصدمات النفسية، واضطرابات الهوية، كلها عوامل قد تدفع البعض إلى التعاطي بحثًا عن “تخدير ذاتي”، في ظل غياب الرعاية النفسية المناسبة أو صعوبة الوصول إليها.
—
من أين تبدأ المواجهة؟
المعركة ضد الإدمان لا تبدأ من المصحات العلاجية، بل من البيت والمدرسة والمجتمع.
نحتاج إلى بيئة آمنة تحتضن الشباب، وتمنحهم الأمل، وتوفر لهم مساحات آمنة للتعبير عن مشاعرهم، ودعمًا نفسيًا حقيقيًا.
إن أنجع سلاح في مواجهة هذا الخطر هو أن نُشعر كل شاب بأنه مرئي، مسموع، ومهم.
لأن اللحظة التي يشعر فيها الشاب بأنه غير مرئي، هي اللحظة التي تبدأ فيها المخدرات بكسب الجولة.