نموذج مبدع ومحقق طفرات في تدريس الرياضيات ليُخرج أوائل الجمهورية الأستاذ “حسام حسن” نجاحة أساسه الجهد، الشغف، والإيمان بالرسالة.

في زمنٍ قلّ فيه الإخلاص وتاهت فيه القدوات، يلمع نجم شاب إسكندراني الأصل يُدعى “حسام حسن” ، ليثبت أن الشغف والإرادة يمكنهما أن يصنعا المعجزات. هو ليس مجرد خريج من كلية الهندسة، قسم الهندسة البحرية وعمارة السفن بجامعة الإسكندرية، بل هو مثال حيّ لشخص قرر أن يرسم لنفسه طريقًا مختلفًا، ويترك بصمة في قلوب طلابه، وفي سجل التفوق العلمي بمحافظة الإسكندرية.
ولد الأستاذ حسام في قلب مدينة الإسكندرية، عروس البحر الأبيض المتوسط، المدينة التي لطالما احتضنت المبدعين والعلماء. ومنذ صغره، كان مولعًا بالأرقام، شغوفًا بالمنطق، وكان يرى في مادة الرياضيات ليست مجرد أرقام ومعادلات، بل فنًا من نوعٍ خاص، ومفتاحًا لفهم العالم من حولنا.
رغم تخرّجه في قسم الهندسة البحرية – أحد أكثر التخصصات صعوبة ودقة – لم ينسَ حسام شغفه القديم بالرياضيات، فقرر أن يُحول هذا الشغف إلى رسالة. اتجه إلى ميدان التدريس، واختار أن يُخصّص علمه وجهده لفئة الإعدادية والثانوية العامة، مؤمنًا بأن هذه المرحلة العمرية هي حجر الأساس في تشكيل العقول وتحديد مصائر الطلاب.
ورغم صعوبة التحدي، لم يتردد بل بدأ بتطوير أسلوب فريد في الشرح، يعتمد على التبسيط الشديد للمعادلات، وتقديم الأمثلة الواقعية، واستخدام النماذج الذهنية البصرية، بالإضافة إلى لمسة من الحماس والإقناع، مما جعل الرياضيات مادة محببة لا مادة مرهقة.
لم تمر سوى أعوام قليلة حتى بدأ اسم “المهندس المدرّس” – كما يُلقّبه طلابه – يتردد في أوساط التعليم السكندري. وبفضل إخلاصه وتفانيه، استطاع حسام أن يُحدث طفرة حقيقية في نتائج طلابه، حتى أنه أشرف على طلاب حصلوا على المراكز الأولى على مستوى محافظة الإسكندرية، بل وخرج من تحت يده أوائل على مستوى الجمهورية في الثانوية العامة.
اللافت في تجربتة أنه لم يعتمد فقط على الشرح الأكاديمي، بل كان مُلمًّا بالجوانب النفسية للطلاب، فكان يُحفّزهم، يستمع لمشكلاتهم، يوجّههم، ويُعيد بناء ثقتهم بأنفسهم. أصبح كثير من طلابه يعتبرونه أكثر من مجرد معلم؛ بل أخًا أكبر، وقدوة تُحتذى.
كما لم يتوقف طموحة عند هذا الحد. فقد بدأ مؤخرًا في إعداد سلسلة من الفيديوهات التعليمية على وسائل التواصل الاجتماعي، لشرح مفاهيم الرياضيات بشكل مبسط وجذاب، مستهدفًا طلاب الجمهورية بأكملها، خاصة في المناطق النائية التي تفتقر إلى معلمين أكفاء. وقد لاقت مقاطع الفيديو إقبالًا كبيرًا، بفضل طريقته المميزة في الشرح، وصوته الواثق، وعفويته الصادقة.
ويطمح في المستقبل إلى تأسيس أكاديمية تعليمية رقمية، تُعيد تعريف مفهوم تعليم الرياضيات في الوطن العربي، وتربط الرياضيات بالحياة العملية والتفكير النقدي، بعيدًا عن الحفظ والتلقين.
في عصرٍ يبحث فيه الكثير عن طرق مختصرة للنجاح، يُعد حسام حسن نموذجًا رائعًا للنجاح الحقيقي القائم على الجهد، الشغف، والإيمان بالرسالة. خريج هندسة البحرية الذي قرر أن يُبحر في عقول طلابه، لا في المحيطات، وأن يُعمّر العقول لا السفن.
تحية لهذا الشاب الذي استبدل أدوات الهندسة بالطباشير، وقرر أن يبني جيلًا يعرف كيف يفكّر، لا فقط كيف يحلّ المسائل. فالرياضيات بين يديه لم تعد “كابوسًا”، بل أصبحت رحلة ممتعة نحو التفوق.