
الثقافة الاجتماعية.. مرآة المجتمع وأساس هويته بقلم إسلام أحمد الديب
في عالمٍ سريع التغير والتطور، تبقى الثقافة الاجتماعية حجر الأساس الذي تستند إليه المجتمعات في بناء هويتها وتشكيل سلوك أفرادها. إنها مجموعة من القيم والمعتقدات والعادات والتقاليد التي يتناقلها الناس عبر الأجيال، لتشكل البوصلة التي توجه تعاملاتهم وتفكيرهم.
تنعكس الثقافة الاجتماعية في تفاصيل الحياة اليومية، من طريقة الحديث واللباس، إلى كيفية التعامل مع الأزمات والمناسبات. ولعل من أبرز النماذج التي تجسد هذا المعنى البيئة الصعيدية في مصر، التي طالما عُرفت بتمسكها العميق بالعادات والتقاليد، واعتزازها القوي بالروابط العائلية والقيم الأصيلة.
ورغم أن الصعيد يُعد أيقونة للأصالة، إلا أن بعض العادات السلبية ما زالت تشكّل تحديًا، مثل قضية الثأر، وحرمان المرأة من الميراث، إضافة إلى العصبية القبلية التي قد تتغلب أحيانًا على صوت العقل والمنطق. كما أن هناك من الشخصيات الاجتماعية من تتسم بصفات مثل التعصب للرأي، وشهوة الحديث دون علم، والنقد من أجل النقد، وهو ما يعكس أحيانًا تداخلاً غير واعٍ بين التقاليد والتمسك بالرجعية.
في المقابل، لا يمكن إنكار ما تحمله الثقافة الصعيدية من جوانب مشرقة، فهي حاضنة لاحترام الكبير، وإكرام الضيف، والمشاركة الفاعلة في الأفراح والأحزان، إضافة إلى التقاليد الخاصة بالزواج والعزاء والولائم، التي تعكس تماسكًا اجتماعيًا قويًا قلّ نظيره.
ويجب ألا نغفل دور الأسرة في نقل هذه الثقافة، حيث تُعد العادات العائلية ركيزة في تنشئة الأبناء على السلوك الإيجابي، وتوفر لهم بيئة مستقرة ومترابطة تسهم في تطورهم الصحي والنفسي. فليس الوقت المشترك وحده كافيًا، بل كيفية استثماره في غرس القيم والمبادئ.
ونلاحظ من خلال تحليل الظواهر الاجتماعية أن العادات والتقاليد ليست مجرد ممارسات موروثة، بل هي مرآة لهوية المجتمع وروحه. نعم، بعضها يحتاج إلى تجديد أو إعادة تقييم، ولكن لا شك أن الحفاظ على جوهرها وقيمها الأصيلة يضمن استمرارية الهوية الثقافية وتنوعها.
العادات والتقاليد تعزز الشعور بالانتماء وتربط الماضي بالحاضر.
هي وسيلة لنقل التراث والخبرات، مما يحفظ التاريخ من الضياع.
تماسك المجتمع يبدأ من التشارك في نفس القيم الثقافية.
التنوع الثقافي العالمي لن يكتمل إلا بتمسك كل مجتمع بتقاليده الأصيلة.
وأخيرًا، التطور لا يعني التخلي عن الأصل، بل تجديده بوعي.
—