كفاءة مصرية وإبداع أنثوي في خدمة النفس والمجتمع.. قصة نجاح “فاطمة الليثي” رحلة نجاح إستثنائية تعيد تعريف النجاح.

في زمن تتسارع فيه التحولات وتتشابك فيه التحديات النفسية والاجتماعية، تبرز شخصيات ملهمة اختارت أن تجعل من قصتها الخاصة منارة للآخرين. من بين هذه النماذج المضيئة تأتي فاطمة إبراهيم، الشهيرة بـ “فاطمة الليثي”، التي كسرت القوالب التقليدية لتعيد تعريف النجاح والإنجاز وفق معايير مختلفة، تحمل في جوهرها رسالة عميقة عن الإصرار والإبداع والإنسانية.
بدأت رحلتها من كلية التجارة، حيث حصلت على بكالوريوس التجارة، وكان من المتوقع أن تسلك الطريق المعتاد في مجالات المحاسبة أو الإدارة. لكنها آمنت أن مسار الإنسان لا تحدده الشهادات وحدها، وإنما الشغف الحقيقي والرغبة في إحداث فارق في حياة الآخرين. وهنا قررت القيام بما يسمى “شيفت كرير”، لتتجه إلى عالم مختلف تمامًا، عالم النفس الإنساني، فتسجل في كلية الآداب لدراسة علم النفس، لتبدأ قصة جديدة مليئة بالتحدي والإبداع.
لم يكن دخولها إلى هذا المجال مجرد انتقال أكاديمي، بل تحول عميق في رسالتها الشخصية. اليوم تعمل أخصائي نفسي، وتجمع بين الدراسة النظرية والممارسة العملية، الأمر الذي جعلها أكثر قربًا من احتياجات الناس وأكثر قدرة على ملامسة القلوب قبل العقول.
خلال سنوات قصيرة، استطاعت أن تراكم خبرات أكاديمية ومهنية مميزة؛ فقد حصلت على دبلومة الصحة النفسية من جامعة عين شمس، ما منحها أساسًا علميًا قويًا للتعامل مع الاضطرابات النفسية المختلفة. لم تتوقف عند هذا الحد، بل واصلت الاستثمار في ذاتها حتى حصلت على دبلومة TOT وأصبحت مدربًا ومحاضرًا معتمدًا، إلى جانب دبلومة تعديل سلوك الأطفال والمراهقين من البورد الأمريكي، وهو تخصص بالغ الأهمية في وقت يواجه فيه الشباب ضغوطات غير مسبوقة.
أما على المستوى العلاجي، فقد تخصصت فاطمة في تقنيات علاجية حديثة أثبتت فعاليتها عالميًا؛ فهي معالج معرفي سلوكي (CBT) لعلاج الاكتئاب والقلق والوسواس القهري، وأيضًا معالج سلوكي جدلي (DBT) لاضطراب الشخصية الحدّية، وهو مجال حساس يتطلب مهارة عالية وصبرًا استثنائيًا.
على أرض الواقع، لا تكتفي بالعمل الفردي، بل تمتد جهودها إلى خدمة المجتمع. فهي تعمل ضمن أكاديمية “ملهم” حيث تقدم ورشًا متخصصة للأطفال والمراهقين، إيمانًا منها أن الاستثمار الحقيقي يبدأ من مرحلة الطفولة. كما تقدم جلسات علاجية في أحد المراكز المتخصصة، لتمنح الأفراد فرصة لإعادة التوازن النفسي واستعادة الأمل.
ولعل ما يميزها عن غيرها هو جرأتها في اقتحام مجالات جديدة، إذ أطلقت مؤخرًا أول بيزنس في مصر متخصص في “المشاعر”، وهو مشروع رائد يفتح الباب لفهم الذات وإدارة العواطف بشكل عملي مبتكر. هذا المشروع لا يعد مجرد نشاط تجاري، بل رؤية شاملة تهدف إلى نشر الوعي النفسي في المجتمع، وتعليم الأفراد كيفية التعامل مع مشاعرهم باعتبارها لغة أساسية للحياة وليست مجرد انعكاسات عابرة.
رسالة فاطمة الليثي تتجاوز مجرد تقديم خدمات نفسية؛ فهي تجسد نموذجًا ملهمًا لشابة مصرية آمنت بأن التغيير ممكن، وأن إعادة اكتشاف الذات يمكن أن يقود إلى إنجازات غير متوقعة. من طالبة تجارة إلى أخصائية نفسية ومدربة معتمدة، ومن موظفة إلى رائدة أعمال في مجال المشاعر، رحلة فاطمة تؤكد أن الإصرار والشغف قادران على كسر أي قيود.
اليوم، ينظر إليها طلابها ومتابعوها بوصفها قدوة حقيقية؛ فهي تجمع بين المعرفة الأكاديمية، الخبرة العملية، واللمسة الإنسانية التي يحتاجها كل من يسعى إلى المساعدة. وفي وقت يتزايد فيه الوعي بأهمية الصحة النفسية، تمثل فاطمة الليثي رمزًا لجيل جديد من الأخصائيين الذين لا يكتفون بالعلاج، بل يعملون على بناء مجتمع أكثر وعيًا وتماسكًا.
رحلة فاطمة لم تنتهِ بعد، فهي ما زالت تواصل دراستها وبحثها عن طرق مبتكرة لتطوير نفسها ومجالها، لتثبت أن النجاح ليس محطة وصول، وإنما مسار مستمر من التعلم والعطاء. وبين أوراقها الأكاديمية وجلساتها العلاجية ومشروعها الريادي، تكتب فاطمة الليثي فصلًا جديدًا في قصة المرأة المصرية التي لا تعرف المستحيل.