مقالات

إبداع في الشرح وتميز في الأداء الأستاذ أحمد مصطفى مرسي” نموذج للمعلم الكفء يجمع بين التفوق العلمي والتميز التربوي.

في قلب صعيد مصر، وتحديدًا من محافظة سوهاج، يسطع اسم شاب طموح استطاع أن يثبت أن التفوق لا يقف عند حدود المقاعد الدراسية، بل يمتد ليصنع أثرًا حقيقيًا في عقول الأجيال القادمة. إنه الأستاذ أحمد مصطفى مرسي، المعروف بين طلابه ومتابعيه بلقب “المفيد في العربي”، الذي اختار أن يجعل من اللغة العربية رسالةً يحملها إلى طلاب الثانوية الأزهرية، فيزرع فيهم حب الكلمة وصدق البيان.

أحمد مصطفى مرسي هو ابن الأزهر الشريف، فقد تخرج في كلية التربية، شعبة اللغة العربية، بجامعة الأزهر بالقاهرة، متوجًا مسيرته الجامعية بتقدير عام امتياز مع مرتبة الشرف، ليؤكد أن الاجتهاد لا بد أن يثمر نجاحًا، وأن الطموح مقرون دائمًا بالإنجاز. وقد كان التفوق بالنسبة له نقطة انطلاق، لا نهاية طريق، إذ حمل بعدها همّ نشر العلم والمعرفة، خاصة بين طلاب المرحلة الثانوية الأزهرية، الذين يعدّون اللبنة الأولى في بناء مستقبل الأمة.

منذ أن بدأ مشواره في التدريس، وضع نصب عينيه هدفًا واضحًا: إحياء اللغة العربية في قلوب الطلاب قبل عقولهم. لم يكتفِ بتلقين القواعد والنصوص، بل عمل على تقريب المادة إلى نفوس الدارسين عبر تبسيط الشروح، وضرب الأمثلة من واقع حياتهم، وجعل الدروس أكثر تفاعلية وإمتاعًا. ولذلك لم يكن غريبًا أن يلتف حوله الطلاب بسرعة، وأن يصبح “المفيد في العربي” علامة بارزة بين معلمي اللغة العربية في الأوساط الأزهرية.

تميزت طريقته في الشرح بدمج الأصالة بالمعاصرة؛ فهو ينهل من معين التراث العربي الأصيل، ويستشهد بالنصوص القرآنية والشعر العربي الفصيح، لكنه في الوقت نفسه يوظف الوسائل الحديثة ويستعين بالتكنولوجيا ليجعل مادته أقرب ما تكون إلى قلوب الطلاب. وقد ساعده في ذلك إتقانه للعرض السلس، وحضوره المميز، وقدرته على توصيل أصعب المفاهيم اللغوية بأسلوب شيق.

لم يكن مجرد معلم ينقل المعلومة، بل كان – كما يصفه طلابه – قدوةً ومُلهمًا. فهو يقدم لطلابه الدعم النفسي قبل الأكاديمي، ويشجعهم على مواجهة صعوبات المذاكرة والإصرار على بلوغ القمة. ولعل هذا ما جعله يحظى بمكانة خاصة في قلوب من تتلمذوا على يديه. وقد عبّر الكثيرون عن امتنانهم له، مؤكدين أن بصمته التعليمية لا تُمحى من الذاكرة، وأنه كان نقطة تحول في رحلتهم نحو النجاح.

ولأن التفوق لا يقف عند حدود التدريس المباشر، فقد حرص على أن يكون له حضور رقمي قوي. فقد أنشأ صفحات تعليمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، جعل منها منصات للتواصل مع الطلاب، يشاركهم فيها الملخصات، والمراجعات النهائية، والإجابات النموذجية، إلى جانب مقاطع فيديو تعليمية مختصرة تساعدهم على استيعاب المناهج بصورة أسرع. وبذلك استطاع أن يواكب العصر، ويجعل من التكنولوجيا أداة في خدمة اللغة العربية بدلاً من أن تكون عائقًا أمامها.

لقد أصبح “المفيد في العربي” نموذجًا للشاب الأزهري الواعي برسالته، الذي يجمع بين العلم والأخلاق، وبين الإخلاص في العمل والتفاني في خدمة الطلاب. وهو اليوم واحد من أبرز الوجوه التعليمية بمحافظة سوهاج وما حولها، حيث يقصده الطلاب من مختلف المراكز بحثًا عن شرح مميز، ومراجعة دقيقة، ودعم حقيقي يعينهم على اجتياز الامتحانات.

ويؤمن بأن رسالته أكبر من مجرد تحصيل درجات، فهو يرى أن اللغة العربية روح وهوية، وأن الحفاظ عليها واجب مقدس، وأن غرس حبها في نفوس الطلاب هو الطريق لبناء جيل قوي الفكر والوجدان. لذا يكرر دائمًا أن هدفه ليس فقط أن ينجح طلابه في الامتحانات، بل أن يحملوا معهم شغفًا دائمًا بالعربية، يجعلهم يتذوقون جمالها ويستشعرون قوتها.

وفي وقت تتراجع فيه مكانة المعلم أحيانًا، يثبت أن المعلم الحقيقي لا يعرف الحدود، وأن الإخلاص في التعليم كفيل بأن يمنح صاحبه محبةً واحترامًا لا يقدَّران بثمن.

إن قصة “المفيد في العربي” هي قصة طموح ونجاح، وقبل ذلك كله قصة إيمان برسالة العلم. رسالة يكتبها شاب من سوهاج بحروف من نور، ليؤكد أن الأزهر لا يزال ينجب رجالًا يحملون شعلة المعرفة، ويضيئون بها دروب الأجيال القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى