طبيبة مصرية تعيد صياغة مفهوم الدعم النفسي والأسري الدكتورة “سارة حسين” ورحلتها من طب الأسنان إلى ريادة الإرشاد النفسي والأسري.

في زمن تتقاطع فيه العلوم وتتشابك الخبرات، تظهر شخصيات مميزة قادرة على الجمع بين أكثر من مجال وإعادة صياغة مسارها المهني بما يخدم الإنسان بصورة شاملة. من بين هذه النماذج اللامعة تبرز الدكتورة سارة حسين، الطبيبة التي بدأت رحلتها في عالم طب الأسنان، ثم اختارت أن توسع دائرة تأثيرها لتصبح اليوم واحدة من أبرز الأسماء الصاعدة في مجال العلاج السلوكي المعرفي والإرشاد النفسي والأسري، فضلًا عن عملها كـ لايف كوتش علاقات معتمد من ICF.
ولدت الدكتورة سارة في قلب مدينة الإسكندرية، تلك المدينة التي اشتهرت عبر التاريخ بأنها ملتقى الحضارات وموطن الإبداع. حصلت على مؤهلها في طب الأسنان، وبدأت حياتها العملية في مهنة الطب التي ترتبط مباشرة بخدمة الناس ورعايتهم. ومن خلال تعاملها مع المرضى، اكتشفت أن صحة الإنسان لا تقتصر على الجانب الجسدي فحسب، بل إن الاضطرابات النفسية والضغوط اليومية لها تأثير بالغ على جودة الحياة بشكل عام.
هذا الإدراك العميق دفعها للبحث عن مسار جديد يوازن بين الجانب العلمي والطبي من جهة، والجانب الإنساني والعاطفي من جهة أخرى، فاختارت أن تسلك طريق علم النفس والإرشاد السلوكي.
بعد سنوات من الممارسة الطبية، حصلت الدكتورة سارة على اعتمادها كـ ثيرابيست ومعالج سلوكي معرفي، وهو التخصص الذي يركز على تعديل أنماط التفكير والسلوك، ومساعدة الأفراد على مواجهة التحديات الحياتية بوعي واستبصار. كما حصلت على اعتماد دولي كـ لايف كوتش علاقات من الاتحاد الدولي ICF، وهو ما منحها القدرة على مساعدة الأفراد والأزواج على بناء علاقات أكثر وعيًا وتوازنًا.
ولم يتوقف شغفها عند هذا الحد، بل وسّعت دائرة عملها لتصبح مرشدًا نفسيًا وأسريًا، حيث تقدم جلسات دعم واستشارات تساهم في حل المشكلات الأسرية وتطوير أساليب التواصل بين أفراد العائلة، بما يحقق الاستقرار والتفاهم داخل البيت المصري والعربي.
حاليًا، تواصل الدكتورة سارة مسيرتها العلمية من خلال دراسة علم النفس الإكلينيكي باعتماد جامعة القاهرة، وذلك لتعزيز خبراتها العملية بمرجعية أكاديمية قوية. فهي ترى أن الدراسة المستمرة والاطلاع على أحدث المناهج النفسية العالمية أمر أساسي لأي معالج أو مرشد يسعى إلى تقديم خدمة متكاملة ذات جودة عالية.
تؤكد الدكتورة سارة أن هدفها الأساسي ليس مجرد تقديم جلسات علاج أو إرشاد، بل بناء جسر من الثقة والدعم بين المعالج والمستفيد. فهي ترى أن كل إنسان يملك القدرة على التغيير والنمو، لكنه يحتاج أحيانًا إلى من يضيء له الطريق ويساعده على اكتشاف إمكاناته الداخلية. ومن هنا، تأتي رسالتها التي تجمع بين الجانب العلمي الرصين والجانب الإنساني الدافئ.
خلال فترة وجيزة، إستطاعت أن تكسب ثقة شريحة واسعة من الناس، سواء عبر جلساتها المباشرة أو من خلال نشاطها التوعوي على منصات التواصل الاجتماعي. ويشيد الكثير من المتابعين بقدرتها على تبسيط المفاهيم النفسية المعقدة وتقديمها بلغة سهلة وعملية، ما جعلها أقرب إلى قلوب الجمهور الباحث عن الدعم النفسي والتوازن الحياتي.
كما تنظر إلى المستقبل بعين الطموح، حيث تخطط لإطلاق برامج تدريبية متخصصة في الإرشاد الأسري والعلاقات، إضافة إلى مشاركاتها المرتقبة في مؤتمرات علم النفس محليًا ودوليًا. كما تسعى لتأسيس مركز شامل يجمع بين العلاج النفسي والدعم الأسري واللايف كوتشينج، ليكون منصة تقدم حلولًا عملية متكاملة لمشكلات العصر.
إن قصتها تمثل نموذجًا ملهمًا لشباب الأطباء والمهنيين، فهي تؤكد أن النجاح لا يتوقف عند شهادة جامعية أو مهنة تقليدية، بل يمكن للإنسان أن يعيد تشكيل مساره متى أدرك شغفه الحقيقي. وفي عالمنا المعاصر الذي يزداد تعقيدًا وضغطًا، تبرز أهمية وجود شخصيات مثلها قادرة على المزاوجة بين الخبرة الطبية والفهم النفسي العميق.
وهكذا، تظل الدكتورة سارة مثالًا حيًا للطبيبة التي لم تكتفِ بعلاج الألم الجسدي، بل قررت أن تسعى أيضًا إلى مداواة الأرواح والعقول، حاملة رسالة أوسع وأعمق لخدمة الإنسان في كل أبعاده.