مبدأه أن التربية والتعليم صنوان لا يفترقان.سامي الملاح.. معلم الرياضيات الذي جمع بين التمكن والتواصل الإنساني وصانع أوائل طلاب الأزهر.

في زمنٍ تتسارع فيه الخطى نحو التطور التقني والتعليمي، يبرز إسم الأستاذ “سامي الملاح” كأحد النماذج المضيئة في ميدان التعليم، وبالأخص في مجال الرياضيات، تلك المادة التي كانت ولا تزال تُعرف بأنها “لغة العقل والمنطق”.
يُعد الأستاذ سامي واحدًا من المدرسين الذين استطاعوا أن يغيّروا النظرة التقليدية إلى الرياضيات، وأن يجعلوا منها مادة محببة للطلاب، خصوصًا طلاب الأزهر الشريف، الذين يتعامل معهم يوميًا بروح المعلم والمربي في آنٍ واحد.
كما يحمل بكالوريوس العلوم والتربية، قسم رياضيات عام، وقد جمع في تكوينه العلمي بين المعرفة الأكاديمية الصلبة والتطبيقات التربوية الحديثة، ليصوغ منها أسلوبًا فريدًا في التدريس يعتمد على التبسيط، والتحفيز، وربط المفاهيم المجردة بحياة الطالب اليومية.
ومنذ بداياته في ميدان التعليم، اتخذ من رسالة التعليم هدفًا ساميًا، مؤمنًا بأن المدرس ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل هو صانع للأمل ومهندس للعقول.
يقول الملاح: “الرياضيات ليست أرقامًا فقط، بل أسلوب تفكير، وفلسفة حياة، وتدريب للعقل على التنظيم والدقة والتفكير المنطقي.”
بهذه الرؤية العميقة استطاع أن يخلق بيئة تعليمية جاذبة لطلابه، سواء في الفصول الدراسية أو في جلسات المتابعة الفردية، حيث يعتمد على الحوار والمناقشة وتطبيق الأمثلة الواقعية لتقريب المفاهيم.
ويؤكد أن العمل مع طلاب الأزهر له طابع خاص، فهم يجمعون بين الدراسة العلمية والدينية، مما يجعل لديهم قدرة مميزة على الفهم والتحليل، لكنه في الوقت نفسه يتطلب من المعلم مرونة وصبرًا كبيرين في توصيل المعلومة، ومراعاة الخلفية المتنوعة للطلاب.
لذلك نجده دائمًا يطور من طريقته في الشرح، مستخدمًا وسائل تعليمية حديثة، من عروض مرئية وتطبيقات تفاعلية، تساعد الطلاب على استيعاب المفاهيم الرياضية بطريقة سهلة وممتعة.
لم يكن اهتمامه مقتصرًا على الجانب الأكاديمي فقط، بل امتد إلى بناء علاقة إنسانية راقية مع طلابه. فهو يرى أن الطالب لا يتعلم إلا إذا شعر بالأمان والثقة، لذلك يُعرف بين طلابه بكونه “الأستاذ القريب”، الذي يسمع، ويفهم، ويشجع.
ويحكي كثير من طلابه أنه السبب في حبهم للرياضيات بعد أن كانوا يرونها معقدة أو مملة، إذ استطاع بأسلوبه الذكي وروحه الإيجابية أن يغير نظرتهم كليًا.
ويسهم في إعداد نماذج امتحانات تدريبية تساعدهم على اجتياز المراحل الدراسية بثقة، مع التركيز على الفهم العميق لا الحفظ المؤقت.
كما يقدم نصائح مستمرة حول طرق المذاكرة السليمة وتنظيم الوقت، مؤمنًا بأن النجاح ليس وليد الصدفة، بل نتيجة جهد مستمر وتخطيط واعٍ.
ويرى أن تطوير التعليم الأزهري في مادة الرياضيات يحتاج إلى دمج التكنولوجيا بالتدريس، وتدريب المعلمين على استخدام أساليب تفاعلية حديثة، لأن الجيل الجديد يتفاعل أكثر مع الصورة والوسائط الرقمية، لا سيما في زمن الثورة المعلوماتية.
اليوم، يُعد سامي الملاح نموذجًا للمعلم القدوة الذي يجمع بين العلم والأخلاق، بين الجدية والرحمة، وبين الشرح المتمكن والتواصل الإنساني.
رحلته التعليمية لم تكن سهلة، لكنها مليئة بالعطاء والإصرار على أن يكون للتعليم معنى مختلف، وللمعلم مكانة تستحق الاحترام والتقدير.
ويختم حديثه دائمًا بجملة أصبحت شعارًا لطلابه:
“من يفهم الرياضيات، يفهم الحياة، لأنها تعلمنا كيف نفكر قبل أن نحكم، وكيف نحل قبل أن نستسلم.”
بهذا الفكر الراقي والرسالة النبيلة، يستمر سامي الملاح في أداء دوره كمعلم مخلص لطلابه، وسفير حقيقي لقيمة التعليم الأصيل في زمنٍ تتغير فيه المفاهيم، لكنه يظل ثابتًا على مبدأ أن التربية والتعليم صنوان لا يفترقان.
