وراء كل متفوق مُعلّم عظيم،17 عامًا من التميّز والعطاء والتفوق في تعليم الكيمياء وصناعة أوائل الجمهوريه “إيمان محمود” مثال يُحتذى

من قلب محافظة الإسماعيلية، بزغ نجم مُعلمٍة تحمل من الشغف ما يفوق المعادلات، ومن الإصرار ما يذيب أصعب المعوّقات. إنها الدكتورة إيمان محمود، مدرسة الكيمياء القديرة، التي لم تكن الكيمياء يومًا بالنسبة لها مادة علمية تُدرّس فقط، بل لغة لفهم الحياة وتفكيك تعقيداتها، ورسالة سامية تؤمن بأنها تصنع المستقبل.
تخرجت من كلية العلوم، جامعة حلوان، حاصلة على بكالوريوس علوم تخصص كيمياء، ثم واصلت رحلة التفوق العلمي بحصولها على درجة الماجستير في الكيمياء العضوية، لتُثبت أن العلم لا يتوقف عند نيل الشهادات، بل يبدأ حين يتحول إلى رسالة.
منذ اليوم الأول لها في ميدان التعليم، آمنت بأن التدريس ليس وظيفة، بل مهنة من نوع خاص تتطلب قلبًا نابضًا بالحب، وعقلاً لا يتوقف عن البحث والتطوير. ولأكثر من 17 عامًا، حافظت على مكانتها كأحد أبرز معلمي الكيمياء في الإسماعيلية، وكانت لها بصمة واضحة في مدارس المحافظة، حيث خرّجت عشرات الطلاب المتفوقين، منهم من أصبح من أوائل المدارس، وأوائل المحافظات، بل ومن أوائل الجمهورية.
كما تتميّز بأسلوب تدريسي يجمع بين التبسيط العلمي والربط بالحياة الواقعية، ما يجعل من الكيمياء مادة ممتعة يسهل فهمها. فهي تُحطم الحواجز النفسية التي قد تنشأ بين الطالب والمادة العلمية، وتستثمر كل طاقاتها في تحويل القلق إلى فضول، والخوف إلى شغف.
طلابها لا ينسون كيف كانت تستخدم الرسوم التوضيحية، والتجارب المبسطة، وحتى القصص، لشرح مفاهيم مثل “الروابط التساهمية” أو “التفاعلات العضوية”، فتتفتح عقولهم على فهم أعمق لا يُنسى.
لكن الجانب الإنساني في شخصيتها لا يقل إشراقًا عن الجانب العلمي. فهي لم تكن يومًا مُدرسة تقف عند حدود المنهج، بل كانت دومًا أختًا كبيرة وأمًا ثانية ومستشارة نفسية. تستمع لهموم طلابها، وتُشجعهم على تخطي الصعوبات، وتزرع فيهم الثقة بأن “الفشل مرحلة، وليس نهاية”.
على مدار سنواتها السبع عشرة في التعليم، كانت نتائج طلاب الأستاذة إيمان خير دليل على تفانيها. عامًا بعد عام، يتكرر مشهد الاحتفال بنجاح طلابها، سواء على مستوى المدارس أو الإدارات التعليمية أو حتى المحافظة بأكملها. وفي أكثر من مرة، سُجّل اسم طلابها بين أوائل محافظة الإسماعيلية، وهو إنجاز ليس بغريب على من تُدرّس الكيمياء بقلب مُحب، وعقل متفوق.
وقد أثنى أولياء الأمور دائمًا على قدرتها في انتشال الطلاب من الضعف إلى القوة، ومن الإحباط إلى التألق، وهو ما جعلها اسمًا يُتداول بثقة بين الأسر الباحثة عن مستقبل مشرق لأبنائها.
وتؤمن بأن التعليم لا ينتهي داخل الصفوف، لذلك كانت حريصة على مواكبة كل جديد في طرق التدريس، ومناهج الكيمياء الحديثة، بل وتطوير مهاراتها التقنية لتواكب متطلبات الجيل الجديد. وهي اليوم تخطط لإطلاق مبادرة إلكترونية تهدف إلى تبسيط الكيمياء لطلاب المرحلة الثانوية، من خلال محتوى تفاعلي مبني على خبرتها الطويلة.
وفي كلماتها، دائمًا ما تردد:
“أمنيتي أن أترك في كل طالب بصمة لا تُنسى، وأن أجعل من الكيمياء قصة نجاح في حياة كل من مرّ من فصلي الدراسي.”
إيمان محمود ليست مجرد معلمة كيمياء، بل هي كيمياء النجاح في حد ذاتها، تُعيد تشكيل ذرات الأمل داخل طلابها، وتُطلق تفاعلات الإبداع في عقولهم. إنها نموذج للمرأة المعطاءة، والمعلمة المُلهمة، التي تستحق أن يُرفع لها القبعة، وأن يُكتب عنها بأحرف من ذهب.