الدكتورة بسمة يسرى تُضيء شاشة “من القلب للقلب” مع الإعلامية إيمان رياض بحلقة ثرية عن الساعة البيولوجية ومعدل الحرق.

في مساء مميز على الهواء، تألّقت الدكتورة بسمة يسرى، الأخصائية في التغذية العلاجية، في حلقة استثنائية من برنامج من القلب للقلب، وقدمت مادة ثرية وقيّمة عن مفهوم الساعة البيولوجية وكيف تؤثر في معدل الحرق داخل جسم الإنسان، وما الذي يمكننا فعله للاستفادة القصوى منها لصحة مثلى.
منذ الوهلة الأولى التي بدأت فيها الحلقة، أسّرت بسمة يسرى جمهور المشاهدين بأسلوبها الهادئ الشيق، وبحثها المدقّق في أسرار الجسم البشري. وقد انطلقت الحلقة بتعريف مبسّط عن الساعة البيولوجية أو الإيقاع اليوماوي (Circadian Rhythm)، وكيف أنّ الجسم لديه إشارات داخلية تنظم النوم والاستيقاظ، الإفرازات الهرمونية، عمليات الهضم، وأيضًا معدل الحرق الغذائي.
ما هي الساعة البيولوجية ولماذا هي مهمة؟
قدّمت الدكتورة بسمة عرضًا وافيًا لمفهوم الساعة البيولوجية، مؤكّدة أن كل شخص يمتلك توقيتًا بيولوجيًا فريدًا، يتزامن مع ضوء النهار والليل. وأوضحت أن هذه الساعة تساعد الجسم على تنظيم إفرازات هرمونية مثل الميلاتونين في الليل، والكورتيزول في الصباح، بالإضافة إلى تنظيم إفراز الإنسولين وعمليات الأيض (التمثيل الغذائي). هذا التزامن مهم جدًا للحفاظ على توازن الطاقة.
ثم انتقلت إلى الصلة بين الساعة البيولوجية ومعدل الحرق (معدّل الأيض)، وقدّمت شرحًا مبسطًا مفاده: في الوقت الذي يكون فيه الجسم في ذروة نشاطه، تكون خلايا الجسم قادرة على حرق الطاقة بشكل فعّال. لكن إذا خالفت عاداتك توقيت الساعة البيولوجية — مثل النوم متأخرًا، أو تناول وجبات ليلية كبيرة — فإنّ ذلك قد يبطئ معدل الحرق ويسهم في تراكم الدهون أو زيادة الوزن.
كما قدّمت العديد من النقاط المحورية:
1. توقيت تناول الوجبات
شرحت أن توقيت تناول الطعام يُعدّ من أهم العوامل التي تؤثر في كيفية استخدام الجسم للطاقة. فمثلاً، تناول وجبة كبيرة في وقت متأخّر من الليل قد يُرغم الجسم على تخزين جزء منها كدهن بدلًا من حرقها. بينما تناول وجبة في الأوقات التي تتماشى مع نشاط الجسم — صباحًا أو منتصف النهار — يُساعد على استهلاك الطاقة بشكل أفضل.
2. فترات الصيام والراحة الليلية
تناولت فكرة فترات الصيام القصيرة أو “الصيام المتقطع” باعتدال، مشيرة إلى أن الصوم خلال فترة الليل (أي الامتناع عن الأكل لساعات تمتد إلى النوم) قد يمنح الجسم فرصة لإتمام عمليات الإصلاح والاستشفاء، ويُساعد عمليات الحرق في الدماغ والأنسجة خلال السكون.
3. مراعاة الإضاءة والنوم الجيد
شدّدت على أن بيئة النوم والإضاءة تؤثر على الساعة البيولوجية بشكل مباشر. فالتعرّض للضوء الأزرق من الهواتف أو الشاشات قبل النوم قد يربك الإيقاع الداخلي، مما يضعف إفراز الميلاتونين ويؤخّر النوم، وبالتالي يقلّ النشاط صباحًا ومعدل الحرق.
4. مراقبة الفترات النشطة في اليوم
أوصت بأن يحدد الإنسان فترات ذروة نشاطه (غالبًا منتصف الصباح إلى العصر) لتناول الوجبات الكبيرة أو ممارسة التمارين، إذ إن الجسم يكون في حالة يقظة وأتمّ استعداد لحرق الطاقة بفعالية.
5. مرونة وتدرّج في التعديلات
قالت إن التغيير المفاجئ في نمط الحياة قد يربك الجسم، لذا ينبغي الانتقال تدريجيًا. مثلاً، تأخير الوجبة أو ضبط وقت النوم تدريجيًّا على مدار أيام، يُساعد الجسم على التأقلم بشكل سلس.
كما استوقفت بسمة الجمهور ببعض الأسئلة التفاعلية، مثل: ماذا لو كان نمط العمل ليليًا؟، أو كيف نتعامل مع التغيرات الموسمية أو الانتقالات الزمنية (كالسفر). وأوضحت أن للجسم قدرة على التكيّف، لكن من الأفضل أن يراعي الإنسان التزامًا قدر الإمكان بإيقاع ثابت، حتى أثناء التحديات.
على مدار الحلقة، عزّزت الدكتورة بسمة حديثها بأمثلة من الحياة اليومية، مثل الناس الذين يعملون في ورديات ليلية، أو الأشخاص الذين يأكلون وجبات كبيرة بعد منتصف الليل، مؤكدة أن التجانس بين نمط الحياة والساعة البيولوجية هو مفتاح الصحة الماليحة والصيانة المثلى للطاقة.
وفي ختام الحلقة، قدّمت توصيات عملية للمشاهدين:
1)حاول أن تجعل زمن النوم والاستيقاظ قريبًا يوميًا، حتى في أيام العطلات.
2)اجعل الوجبة الأكبر في وقت يتزامن مع أعلى نشاط جسمي (غالبًا الصباح أو وقت الظهيرة).
3)قلل الوجبات الثقيلة وقت الليل، وابتعد عن الأطعمة التي يصعب هضمها بعد المغرب.
4)قلّل من التعرض للشاشات والإضاءة الساطعة قبل النوم مباشرة.
5)إذا اضطررت للعمل ليلاً، فحاول أن تهيّئ بيئة مضبوطة (إضاءة خافتة، تنظيم توقيت الوجبات، فترات استراحة).
إنّ هذه الحلقة شكّلت جسرًا بين العلم والحياة اليومية، وأعطت المشاهدين أدوات عملية ليجعلوا أجسامهم في تناغم مع الساعة البيولوجية. لقد أظهرت الدكتورة بسمة يسرى أنها ليست فقط أخصائية تغذية بارعة، بل راوية حكمة للجمهور، تقدّم المعرفة بلغة بسيطة ومحفّزة.
في الأسابيع القادمة، يُتوقّع أن تشكّل هذه الحلقة مرجعية لكل من يرغب في تحسين وزنه، رفع طاقته، أو تنظيم نمط حياته وفق إيقاع جسده الطبيعي. وبهذا، تكون بسمة يسرى قد سطّرت علامة متميزة في ميدان الإعلام الصحي والنصيحة التغذوية الهادفة.
