مقالات

معلم جمع بين المثابرة والأجتهاد وإسمه علامةً مضيئةً في سماء التعليم المصري الأستاذ عبدالرحمن جمال “مُعِد الأوائل” الذي صنع جيلاً من عشاق اللغة العربية في الإسماعيلية.

في زمنٍ باتت فيه التكنولوجيا تجذب العقول، والمعلومة تتزاحم على الشاشات، يظل التعليم رسالةً سامية لا يتقنها إلا من عشقها بصدقٍ وإخلاص. ومن بين هؤلاء الذين حملوا راية التعليم بإيمانٍ وعزيمة، يبرز إسم الأستاذ عبدالرحمن جمال، المعروف بين طلابه وذويهم بلقب “مُعِد الأوائل”، وهو اللقب الذي لم يُمنَح له مجاملةً، بل ناله عن جدارةٍ واستحقاقٍ لما حققه من نتائج باهرة مع طلابه عامًا بعد عام.

ينحدر الأستاذ عبدالرحمن من محافظة الإسماعيلية، المدينة التي طالما أنجبت المتميزين في شتى المجالات. تخرّج في كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر الشريف، حاملاً في قلبه شغف اللغة العربية، وفي عقله رؤيةً واضحةً لبناء جيلٍ جديدٍ يفهم اللغة لا كمنهجٍ دراسيٍ فحسب، بل كهويةٍ وانتماءٍ ورسالةٍ حضاريةٍ خالدة.

منذ بداية مشواره في تدريس اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة، آمن أن التعليم ليس تلقينًا، بل تفاعلٌ حيّ بين المعلم والطالب، يقوم على الفهم لا الحفظ، وعلى التحليل لا التكرار. لذلك، أسّس طريقته الخاصة التي تجمع بين الإتقان العلمي والتحفيز النفسي، ليصنع من كل طالبٍ مشروعَ نجاحٍ حقيقي.

ولعلّ سرّ تميّزه يكمن في جمعه بين العلم الأزهري العميق والفكر التربوي الحديث، إذ لا يكتفي بشرح القواعد والنصوص، بل يغرس في طلابه حب اللغة، ويفتح أمامهم آفاق التأمل في بلاغتها وجمالها. فهو لا يرى اللغة العربية كمجرد مادة دراسية، بل كجسرٍ لفهم الدين والفكر والهوية، وكأداةٍ للتعبير عن الذات بعمقٍ ووعيٍ وذوقٍ رفيع.

يقول أحد طلابه:

“الأستاذ عبدالرحمن لا يعلّمنا اللغة فحسب، بل يجعلنا نعيشها. معه تصبح الكلمة حياة، والنحو قصة، والبلاغة متعة.”

 

هذا الانطباع لم يأتِ من فراغ، فأسلوبه المميز في الشرح يجمع بين الطرافة والعمق، وبين تبسيط المعلومة والربط العملي بالأسئلة الوزارية. وقد إستطاع من خلاله أن يرفع مستوى طلابه في وقتٍ قياسي، حتى أصبح اسمه مرتبطًا بالنجاح والتفوق في أذهان طلاب الثانوية العامة في الإسماعيلية وخارجها.

أما لقبه الشهير “مُعِد الأوائل”، فهو نتاج سنوات من الجهد المتواصل، إذ خرج من تحت يديه نخبة من طلاب الأوائل على مستوى المحافظة والجمهورية، ممن حققوا أعلى الدرجات في اللغة العربية، وكانوا يشهدون له دائمًا بأنه السبب الحقيقي وراء تميزهم وثقتهم بأنفسهم.

ولا يقتصر تأثيره على طلابه داخل الفصول، بل يمتد إلى المجتمع من حوله، إذ يشارك في القوافل التعليمية، ويقدّم مراجعات مجانية للطلاب غير القادرين، مؤمنًا بأن التعليم رسالة قبل أن يكون مهنة. كما يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لنشر دروسٍ مبسطةٍ ونصائحٍ لغويةٍ تساعد طلاب الثانوية العامة على التفوق دون ضغطٍ أو رهبةٍ من الامتحانات.

ويعرف بين زملائه بالهدوء والحكمة، وبأسلوبه الراقي في التعامل، وبإخلاصه الذي جعل منه نموذجًا يُحتذى به بين معلمي الجيل الجديد. فهو يواكب التطوير في المناهج الحديثة، ويوازيه بتطوير أدواته وأساليبه بما يناسب عقول طلاب اليوم، دون أن يتخلى عن أصالة المنهج الأزهري الذي تربى عليه.

ويرى “مُعِد الأوائل” أن نجاح الطالب لا يتحقق بالحفظ فقط، بل بالوعي والفهم واليقين بأن كل معلومة تُضاف إلى العقل هي استثمار في المستقبل. لذلك يسعى دائمًا لتربية طلابه على روح الجد والاجتهاد، وعلى الثقة بأن التميز ليس حكرًا على أحد، بل هو ثمرة الجهد والمثابرة.

في نهاية المطاف، يبقى الأستاذ عبدالرحمن جمال مثالًا حيًّا للمعلم الأصيل الذي جمع بين الأصالة والتجديد، وبين العلم والعمل، وبين العطاء والإخلاص. لقد أثبت أن المدرس الحقيقي لا يُقاس بعدد الدروس التي يشرحها، بل بعدد القلوب التي يزرع فيها حب العلم.
ومن الإسماعيلية، يواصل “مُعِد الأوائل” رحلته المباركة في صناعة النجاح، جيلًا بعد جيل، ليبقى اسمه علامةً مضيئةً في سماء التعليم المصري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى